1916
كمْ ، قبلَ هذا الجبلِ ، ولى جيلُ
هيهاتَ ، ليسَ إلى البقاءِ سبيلُ
ضحكَ الشَّبابُ من الكُهُولِ فأغرقوا
واستيقظوا ، فإذا الشبابُ كُهُولُ
نأتي ونمضي والزَّمانُ مُخلَّدٌ
الصبحُ صُبحٌ والأصيلُ أصيلُ
حرٌّ وقرٌ يبليان جُسُومنا
ليتَ الزمانَ ، كما نحولُ ، يحُولُ
إن التحول في الجمادِ تقلصٌ
في الحيّ موتٌ ، في النباتِ ذبولُ
قفْ بالمقابر صامتاً مُتأملاً
كم غابَ فيها صامتٌ وسؤولُ
وسلِ الكواكبَ كم رأتْ من قبلنا
أمماً ، وكم شهدَ النجومِ قبيلُ
تتبدَّلُ الذُّنيا تبدُّلَ أهلها
واللهُ ليسَ لأمرهِ تبدْيلُ
***
يا طالعاً لفتَ العُيونَ طُلُوعهُ
بعدَ الطَّلوعِ ، إن جهلت ، أفولُ
عطفاً ورفقاً بالقلوبِ فإنما
حقدُ القلوب على أخيكَ طويلُ
أنظرْ فوجهُ الأرضِ أغبرُ شاحبٌ
واسمع ! فأصواتُ الرَّياحِ عويلُ
ومن الحديد صواعقٌ ، ومن العجاج
غمائمٌ ، ومن الدَّماءِ سُيُولُ
ماكنتُ أعلمُ قبلما حمس الوغى
أنَّ الضَّواري والأنامَ شُكُولُ
يا أرضَ أوربا ويا أبناءها
في عنق من هذا الدَّمُ المطلولُ ؟
في كلَّ يومٍ منكُمُ أو عنكمُ
نبأ تجيءُ بهِ الرُّواةُ مهُولُ
مزقتم أقساكم وعهودكمُ
ولقد تكونُ كأنها التنزيلُ
وبعثتمُ الأطماعَ فهي جحافلٌ
من خلفهنَّ جحافلٌ وخيولُ
ونشرتمُ الأحقادَ فهي مدافعٌ
وقذائفٌ وأسنةٌ ونصُولُ
لو لم تكن أضغانكم أسيافكم
أمسى بها ، مما تُسامُ ، فلولُ
علمتُمُ ((عزريل)) في هذي الوغى
ما كان يجهلُ علمهُ عزريلُ
إن كانَ هذا ما يُسمى عندكمْ
علماً ، فأينَ الجهلُ والتضليلُ
إن كانَ هذا ما يُسمى عندكم
ديناً فأينَ الكفرُ والتعطيلُ
عوداً إلى عصرِ البداوةِ ، إنهُ
عصرٌ جميلٌ أن يقالَ جميلُ
قابيلُ ، ياجدَّ الورى ، نم هانئاً
كُلُّ امرئِ في ثوبهِ قابيلُ
لا تفخروا بعقولكُمْ ونتاجها
كانتْ لكمْ ، قبل القتالِ ، عُقولُ
لا أنتمُ أنتمْ ولا أرباضكُمْ
تلكَ التى فيها الهناءُ يقيلُ
لا تطلبوا بالمرهفاتِ ذخولكُمْ
في نيلها بالمرهفاتِ ذحولُ
إن الأنام على اختلافِ لغاتهم
وصفاتهم ، لو تذكرونَ ، قبيلُ
***
يا عامنا ! هل فيك ثمةَ مطمعُ
بالسلمِ أم هذا الشقاءُ يطولُ
مرت عليها حجتانِ ولم تزلْ
تتلو الفصولَ مشاهدٌ وفصولُ
لم يعشقِ الناسُ الفناءَ وإنما
فوق البصائر والعقولِ سُدولُ
أنا إن بسمتُ ، وقد رأيتكَ مُقبلا
فكما يهشُّ لعائديه عليلُ
وإذا سكنتُ إلى الهُمومِ فمثلما
رضي القيودَ الموثقُ المكبُولُ
لا يستوي الرَّجلانِ ، هذا قلبُه
خلٍ وهذا قلبهُ ( لجهولُ )
لا يخدعنَّ العارفونَ نفوسهمْ
إن المخادعَ نفسهُ لجهولُ
في الشرقَ قومٌ لم يسلُّوا صارماً
والسيفُ فوق رؤوسهمْ مسلولُ
جهلوا ولم تجهل نفوسهمُ الأسى
أشقى الأنامِ العارفُ المجهولُ
أكبادهُم مقروحةٌ كجفونهم
وزفيرهُم بأنينهم موصُولُ
أما الرجاءُ ، وطالما عاشوا ب
فالدمعُ يشهدُ أنهُ مقتولُ
واليأسُ موتٌ غير أن صريعهُ
يبقى ، وأما نفسهُ فتزولُ
رباهُ ، قد بلغ الشقاءُ أشدهُ
رحماك إن الراحمين قليلُ
****
في الله والوطن العزيزِ عصابةٌ
نكبُوا ، فذا عانٍ وذاكَ قتيلُ
لو لم يمتْ شممُ النفوسِ بموتهمْ
ثار الشأمُ ، لموتهمْ ، والنَّيلُ
يا نازحينَ عن الشآمِ تذكروا
من في الشآمِ وما يليه نزولُ
همُّ الممالكِ في الجهادِ ، وهمُّكمْ
قالٌ تسيرُ بهِ الطُّروسُ وقيلُ
هُبوا ، اعملوا لبلادكُمْ ولنسلكم
بئس الحياةُ سكينةٌ وخمولُ
لا تقبضوا الأيدي فهذا يومُكُمْ
شرُّ الورى جعدُ البنانِ بخيلُ
وعدَ الآلهُ المحسنينَ ببرهِ
وكما علمتم ، وعدُهُ تنويلُ